National Statement: Egypt (Arabic)

 

 

 

 

 

كلمة مصر أمام قمة الأمن النووي الرابعة

واشنطن

(31 مارس- 1 أبريل 2016)

 

 

السيد الرئيس،

شاركت مصر في أعمال قمة واشنطن للأمن النووي لعام 2010، استجابة لمبادرة الرئيس أوباما التي أطلقها لمعالجة تهديدات ومخاطر الأمن النووي. وقد حرصت مصر أيضاً علي المشاركة بفعالية في القمم التالية لقمة واشنطن والتي عقدت في سول عام 2012، ثم في لاهاي عام 2014 بما في ذلك كافة الاجتماعات التحضيرية التي عقدت ما بين القمم الثلاث.

وبانعقاد قمة واشنطن 2016، فإن مسار الجهود الدولية والوطنية الذي استمر لستة أعوام كاملة، يستوجب تقييماً مكتملاً بهدف استشراف وتحديد سبل التحرك المستقبلي، خاصة في ظل ما شهده هذا المسار على مدار هذه السنوات من جهد وفكر ومبادرات لتعزيز الأطر الوطنية والإقليمية والدولية لتطوير مفهوم الأمن النووي وتعزيز ثقافته، وذلك في الإطار الأشمل لسعي المجتمع الدولي نحو تدعيم نظام منع الانتشار، إسهاماً في تحقيق الأمن والاستقرار الدوليين.      

         لقد أكدت مصر دائماً دعمها ومساندتها للجهود المبذولة في مجال الأمن النووي سواء تلك التي كانت نتاجاً للقمم الثلاث السابقة أو التي خلصت اليها مسارات التعاون الثلاث أو ما ارتبط بمجالات التعاون الثنائي. ومع ذلك، فإن الرؤية المصرية إزاء موضوعات الأمن النووي تحكمها الاعتبارات والثوابت التالية:

 

أولاً: أن التعامل الأمثل مع موضوعات الأمن النووي يظل مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بضرورة معالجة قضايا الأمن النووي من منظور شامل تسمح بتطبيق إجراءات الأمن النووي علي كافة المواد النووية دون استثناء وفي مقدمتها تلك المستخدمة للأغراض العسكرية، خاصة الأسلحة النووية.

ثانيا: أن أي تقدم حقيقي في مجال دعم الأمن النووي يستلزم تحقيق تقدم فعلي في جهود نزع السلاح النووي، فإذا كان المجتمع الدولي قد أولى إهتماماً خاصاً بالأمن النووي خلال السنوات الماضية، فمن الأجدر والأولى أن توجه جهود المجتمع الدولي من الآن فصاعداً لتحقيق نقلة نوعية في مجال نزع السلاح النووي. فالوضع الأمني دولياً وإقليمياً لا يسمح بأي حال أن تترك برامج ومنشآت نووية دون نظام للضمانات أو رقابة دولية قادرة علي النفاذ إلي هذه المنشآت النووية. ويقودنا ما تقدم إلي التأكيد مجدداً علي الأولوية التي توليها مصر لإنشاء المنطقة الخالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط، والتي باتت أمراً ملحاً يستوجب توافر الإرادة السياسية للمجتمع الدولي لاتخاذ ما يلزم من خطوات فعلية لتنفيذ القرارات الصادرة عن مؤتمرات المراجعة لمعاهدة منع الانتشار في هذا الشأن.

ثالثاً: يظل الحق الأصيل للدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية أحد الركائز الأساسية الثلاث لمعاهدة منع الانتشار النووي، ومن ثم فإن تطبيق إجراءات الأمن النووي لا يجب بأي حال أن تمس هذا الحق الأصيل للدول سواء من خلال تقييد هذا الحق أو فرض أية مشروطية عليه، فمفهوم الأمن النووي في نهاية الأمر يعد هدفاً تعاونياً وليس تقييدياً.

رابعاً: أن مسئولية الإضطلاع بتنفيذ إجراءات الأمن النووي إنما هي مسئولية خالصة للدول الأعضاء، تلتزم بها طوعياً إتساقاً مع تعهدات والتزامات الدول وفقاً لقوانينها وتشريعاتها الوطنية.

خامساً: تعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية هي الجهة القادرة علي تحمل المسئولية الرئيسية، والدور الريادي في تنفيذ إجراءات الأمن النووي لما يتوافر لديها من موارد وخبرات علمية وعملية متراكمة تؤهلها بشكل أساسي من تنفيذ ومتابعة إجراءات الأمن النووي، وتقديم المساعدة الفنية للدول الأعضاء إن طلبت ذلك.

السيد الرئيس،

         في ضوء التحديات التي تواجهها مصر في مجال الطاقة، وبالنظر إلي العوائق المرتبطة بالمصادر التقليدية للطاقة، أعلنت مصر في 15 نوفمبر 2015 عن إنشاء أول محطة نووية في منطقة الضبعة تضم أربعة مفاعلات بطاقة إنتاجية 1200 ميجاوات لكل مفاعل، وبتكلفة مالية تبلغ حوالي 10 مليار دولار، وذلك في إطار برنامج نووي سلمي يهدف إلي توطين التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، وإنتاج وتوفير الطاقة الكهربائية التي يتزايد الاحتياج إليها في عمليات التنمية الاقتصادية.

         وضماناً لنجاح هذا المشروع، اهتمت مصر بتوفير أقصى درجات ومعايير الأمن والأمان النوويين، وإخضاعها للمراجعة الدورية وعمليات تقييم مستمرة من منطلق تحمل مسئولية الدولة للأمن والأمان النوويين.

وفيما يتعلق بالشق الخاص بالأمن النووي، فقد قطعت مصر شوطاً كبيراً في هذا المجال شمل تطوير الإطار التشريعي والرقابي باصدار قانون تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية رقم 7 لسنة 2010، وإصدار لائحته التنفيذية عام 2011، وكذلك تطوير نظام الحماية المادية للمفاعلين البحثيين والمنشآت التابعة له، فضلاً عن تطوير الكوادر البشرية ودعم أوجه التعاون الدولي من خلال الإنضمام لعضوية الشبكة الدولية لتعليم الأمن النووي التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما تم الإنتهاء من إعداد الخطة المتكاملة لدعم الأمن النووي، بالتنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي جاءت تتويجاً لهذه الجهود ودعماً لدور الجهات الوطنية المصرية في أداء مهامها ذات الصلة بالأمن النووي.

         وختاماً وفي ضوء التأكيد علي أن مصر إدراكاً منها بأن دعم نظام منع الإنتشار يسهم في تحقيق المزيد من الأمن والاستقرار الدوليين، فإنها سوف تواصل جهدها في العمل علي تحقيق التوازن المطلوب بين الركائز الثلاث لهذا النظام المتمثلة في نزع السلاح النووي، ومنع الإنتشار، وحق الدول في الإنتفاع من الإستخدامات السلمية للطاقة الذرية دون قيد أو شرط.  

         أود أن أشكركم، سيادة الرئيس، علي استضافة قمة الأمن النووي الأخيرة في واشنطن، ونتطلع إلي المزيد من التعاون مع الولايات المتحدة ودول المجتمع الدولي لتحقيق المزيد من الأمن والاستقرار.